أين مفتاح السماء الذي يبحث عنه الناس ؟
الدعاء هو مفتاح السماء
وحبل الإنسان الموصول بربه تعالى، فكن على ثقة بالله عز وجل كل الثقة فهو سبحانه
لا يرد داعيًا خائبًا أبدًا ولكنه سبحانه يختار للإنسان من دعائه ما كان فيه الخير
والمنفعة من أمور الدنيا والآخرة وما ينفعه من أمور دينه ودنياه ولا تستعجل بل
عليك الصبر والرضا بما قسم الله تعالى لك فهو سبحانه العليم بعباده الخبير
بأحوالهم القدير والمقدر لما ينفعهم سبحانه . فقد جاء اعرابيا إلى النبى
صلى الله عليه و سلم فقال: (يا رسول الله صلى الله عليك وسلم أقريب ربنا فنناجيه
أم بعيد فنناديه فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه
الآية }وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا
دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي{ والمعنى أن الله تعالى
قريب من عباده دومًا متى دعوه سمعهم وأجابهم سبحانه وتعالى .
و قد ذكر الإمام القرطبي في تفسيره
لقوله تعالى }فَاسْتَجَابَ
لَهُمْ رَبُّهُمْ{ آل عمران: 195
أي أجابهم، قال الحسن ما
زالوا يقولون (ربنا ربنا) حتى استجاب لهم، وقال جعفر الصادق: (من حزبه أمر فقال
خمس مرات: ربنا؛ أنجاه الله مما يخاف وأعطاه ما أراد قيل وكيف ذلك قال اقرؤوا إن
شئتم }الَّذِينَ
يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ{ إلى
قوله }إِنَّكَ
لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ{ [آل عمران: 191-195] وذلك لأن لفظ (ربنا) ورد في هذه الآيات
المذكورة خمس مرات ثم تبع ذلك قوله تعالى }فَاسْتَجَابَ
لَهُمْ رَبُّهُمْ{ فمن دعا ربه قائلاً خمس مرات (ربنا) استجاب الله تعالى له بعدها ، فالإنسان كلما أخلص في
الدعاء وبالغ في الخضوع والانحناء بين يدي ربه تعالى و كلما كان الإنسان مضطرًا محتاجًا و كان زاهدًا ورعًا قريبًا من ربه عز وجل كان ذلك أقرب للإجابة
وأحرى لتحقيق ما أراد من ربه سبحانه وتعالى.
في الحديث الذي رواه أبو
داود والترمذي قوله صلى الله عليه وسلم" : إن
ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا" والمعنى
أن الله تعالى لا يخيب من رفع يديه ورجاه ودعاه، وأنه عز وجل يستجيب لعبده دومًا
و من موجبات الدعاء:
الثناء على الله سبحانه وتعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أصحاب السنن عن فضالة بن
عبيد قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته فلم يصل عليه
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (عجل هذا ثم دعاه فقال له ولغيره إذا صلى
أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه
وسلم ثم ليدع بعد بما شاء). وفي الحديث الآخر الذي رواه الترمذي عن ابن
مسعود قال: كنت أصلي والنبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه فلما
جلست بدأت بالثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعوت
لنفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «سل
تعطه سل تعطه.
ومن أمثلة الدعاء عند الاضطرار ذكر ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى: }أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ{ قال: (أن رجلاً كان يكاري أي «يؤجر» على بغل له من دمشق إلى بلد الزبداني فقال: ركب معي ذات مرة رجل فمررنا على بعض الطريق على طريق غير مسلوكة فقال لي خذ في هذه فإنها أقرب فقلت: لا خبرة لي فيها، فقال: بل هي أقرب فسلكناها فانتهينا إلى مكان وعر وواد عميق وفيه قتلى كثيرة، فقال لي: أمسك رأس البغل حتى أنزل فنزل وتشمر وجمع عليه ثيابه وسل سكينًا معه وقصدني ففررت من بين يديه وتبعني فناشدته الله وقلت خذ البغل بما عليه فقال هو لي وإنما أريد قتلك فخوفته الله والعقوبة فلم يقبل؛ فاستسلمت بين يديه وقلت: إن رأيت أن تتركني حتى أصلي ركعتين فقال: عجل فقمت أصلي فأرتج عليَّ القرآن فلم يحضرني منه حرف واحد فبقيت واقفًا متحيرًا وهو يقول هيه افرغ فأجرى الله على لساني قوله تعالى: }أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ{ فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي وبيده حربة فرمى بها الرجل فما أخطأت فؤاده فخر صريعًا فتعلقت بالفارس وقلت بالله من أنت فقال أنا رسول الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء قال فأخذت البغل والحمل .
يقال: إن أحد الأعراب قيل
له ادعو الله تعالى بما تعرف فقال: (اللهم إنك ترى ما لا أرى فما ترى في ما ترى)
دعوة موجزة فيها من البلاغة وصدق اللهجة الشيء الكثير. ومعنى الدعوة (اللهم إنك
تعلم ما لا أعلم فما قدرك فيما تعلم ولا أعلم يا رب)..
وقيل
لأعرابي آخر ادعو الله تعالى بأفضل ما تعرف فقال: (اللهم إنك أعطيتنا الإسلام ولم
نسألك إياه فأعطنا «فلا تحرمنا» الجنة ونحن نسألك إياها) فسبحان الله العظيم كيف
أنها دعوة عظيمة طلب فيها الجنة بأسلوب رائع رفيع في غاية الحسن والجمال!.
فالدعاء لا يلزمه كلام مسجوع لكى يقبله المولى الكريم فكم من أُناس بسطاء لا يعرفون من أمور دينهم إلا الهين و لكنهم يملكون مفتاح السماء و هذا ما جاء في الحديث الذي رواه أبو
داود وابن ماجة أن أعرابيًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أما إني
لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ إنما أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : «حولها
ندندن». .
تعليقات
إرسال تعليق