القائمة الرئيسية

الصفحات

موضوعات [LastPost]

الابتلاء يكشف معادن النفوس


هل تظهر معادن الناس عند الابتلاء ؟

لما اشتد البلاء على بني إسرائيل من فرعون "قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱللَّهِ وَٱصۡبِرُوٓاْۖ إِنَّ ٱلۡأَرۡضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَٱلۡعَـٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ (١٢٨) قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ (١٢٩)" [سورة الأعراف].
 هكذا كان رد نبي الله موسى عليه السلام على قومه: أن الله تعالى بمشيئته يبدل ضعفكم قوة، وهزيمتكم نصرًا؛ ليعلم الله تعالى مِن هذه النفوس -التي ترجو زوال البلاء لتنعم بعبادة ربها- أهي صادقة أم مُدَّعية ذلك؟ وهو سبحانه أعلم؛ ولكن لتروا أنتم حقائق أنفسكم. ثم صدق الله سبحانه وعده فقال: "وَأَوۡرَثۡنَا ٱلۡقَوۡمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسۡتَضۡعَفُونَ مَشَـٰرِقَ ٱلۡأَرۡضِ وَمَغَـٰرِبَهَا ٱلَّتِي بَـٰرَكۡنَا فِيهَاۖ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلۡحُسۡنَىٰ عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَ ٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُواْۖ وَدَمَّرۡنَا مَا كَانَ يَصۡنَعُ فِرۡعَوۡنُ وَقَوۡمُهُۥ وَمَا كَانُواْ يَعۡرِشُونَ (١٣٧)" [سورة الأعراف].
 هنا بدأ اختبارهم بالنعمة، وإظهار معادن أنفسهم، وحقيقة ما كانوا يرجون من نعمة الله تعالى لشكره.. وكان أول رد مقابل نعمة الله تعالى:" وَجَـٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَ ٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡاْ عَلَىٰ قَوۡمِِ يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامِِ لَّهُمۡۚ قَالُواْ يَـٰمُوسَى ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَـٰهََا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةََ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٌ تَجۡهَلُونَ (١٣٨)" [سورة الأعراف].
وبعد بيان نبي الله موسى عليه السلام جهلهم، وتذكيرهم بنعمة الله تعالى عليهم، لم يتوقف الأمر عند هذا؛ بل كان الرد الثاني مقابل الإنعام "وَٱتَّخَذَ قَوۡمُ مُوسَىٰ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِنۡ حُلِيِّهِمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٌۚ أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمۡ وَلَا يَهۡدِيهِمۡ سَبِيلًاۘ ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَـٰلِمِينَ (١٤٨) [سورة الأعراف].
 وبعد أن أنعم الله تعالى عليهم بالتوبة من هذه الكبائر المهلكة، جاءت ثالثة الرزايا من تلك النفوس.. لما أمرهم نبي الله موسى عليه السلام بدخول الأرض المقدسة كان هذا جوابهم: "قَالُواْ يَـٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمََا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَ ٰخِلُونَ (٢٢)" [سورة المائدة]، ثم لم يكتفوا بهذا، فكان الجواب النهائي القاطع: "قَالُواْ يَـٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَآ أَبَدََا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَـٰتِلَآ إِنَّا هَـٰهُنَا قَـٰعِدُونَ (٢٤)" [سورة المائدة].
- ولكن يظهر كذلك في الاختبار نفوس صدقت فيما كانت ترجوه من ربها سبحانه وتعالى، نفوس قدَّرت نِعَم خالقها عليها، فجاء ردًّا على جواب النفوس المريضة التي لم تَنْصَع لأمر خالقها سبحانه: "قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَـٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (٢٣)" [سورة المائدة].
 -العبرة مما فعله بنو إسرائيل: عند الابتلاءات تجد كثيرًا من القوم يُطلقون أفعالًا عظيمة بألسنتهم إن فَرَّج الله البلاء، ويبكون -أو يتباكون- على ما لم يستطيعوا فعله بحجة أننا في ابتلاء -وما باليد حِيلة-؛ فإذا جاءهم من الله ما يرجون من فرج.. ظهرت معادن نفوسهم، ويجعلون الله تعالى أهون الناظرين إليهم، بل وينسبون الفرج والنعمة إلى علمهم وذكاءهم وحسن تدبيرهم؛ فيكون الهلاك بسبب هؤلاء المُدَّعين.
وفي المقابل.. قليلٌ أوفياء، فِعَالهم أعلى من أقوالهم، نقاء قلوبهم مؤثر على ثمار ألسنتهم؛ فلا تجني من الفعل والقول إلا طيب الثمر؛ ذلك لأنهما نَبَتا من قلب طيب صافٍ نبعه؛ فيكون نصر الله تعالى ببركة هؤلاء المخلصين.

- خلاصة المستفاد: 

اعمل في زمن الابتلاءات، ولا تتكل على الفَرَج؛ بل توكل على رَبِّ الفَرَج، وادع الله بالثبات في كل الأحوال حتى الممات، وأخلص القلب لله وحده لا تشرك معه غيره؛ فربما هذا ما يدفع البلوى، ويجلب النعم، ويحقق النصر.


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

التنقل السريع