هل يستطيع المصريون -هذا الشعب البسيط - التغلب على كورونا ؟
رغم
حداثة هذا الفيرس الذى ضرب العالم و تغلب على دوله سواء المتقدمة أم غيرها و
استطاع أن يثبت أن الإنسان مهما بلغ به فهو أضعف من أكثر المخلوقات ضعفا و هذا
إنما له دلالة كبيرة عرفها الجميع من سالف العصر و الأوان و هى عدم التكبر مهما
بلغ بك العلم فجميع العلوم ناقصة لم تكتمل فهذا المجال الواسع من البحث جُعل
ليستوعب جميع الجهود البشرية حتى يوم معلوم .
المصريون و كورونا
بين ليلة
و ضحاها يغير الله من حال إلى حال و هذا ما اعتدنا على تقبله و فهمه منذ الصغر
فعندما هاجت الدول و بدأت فى تنفيذ اجراءات الحظر و الإقفال و بدأت الأخبار تأتى
من جميع الدول بظهور حالات الكورونا و انتشارها بين أفراد شعوبها إلا أن الشعب
المصرى ظل يفكر بأن كورونا بعيد و لن يقترب من حدودنا إلا أن كورونا قد وصل
إلى أبواب مصر و استطاع أن يدخل إلى كثير من البيوت دون استئذان و بدأ الناس
يفيقون لوجود هذا القاتل بينهم يصيب منهم و يقتل بلا هوادة فما إن انقضى فصل
الصيف و بدأ الشتاء يطرق أبواب الشوارع و الميادين حتى استفاق كورونا ليضرب
ضربته الثانية بالعالم و تأتى موجة كورونا الثانية و تبدأ الدول فى إعداد العُدة
للمواجهة و لكن مع هذه الموجة تأتى البشارة بأن هناك لقاحات استطاعات الشركات
الأمريكية أن تصنعها و تهافتت جميع الدول لحجز الكميات المطلوبة و لكن ما زال
الوعى العام للشارع المصرى يحتاج إلى يقظة فما زال الناس رغم التحذيرات لا يهتمون بل أن هناك
لامبالاة من البعض مما يعرض الكثير للإصابة و الموت .
إذا نظرت إلى الناس فى الشارع تجد الحياة تسير بالناس فكل يجرى خلف لقمة
عيشه فالدنيا تطحن الفقير فإن مات بكورونا و هو يبحث عن لقمة العيش خير له من أن
يموت بالجوع الذى ينتظره إذا عاد بدون قوت يشبع به هو و أسرته و هذا هو حال غالبية
المصريين البسطاء الذين يخرجون للعمل يوميا فى مختلف المهن و الأعمال من أجل
مواجهة أعباء الحياة التى أضيف لها هذا العبأ الثقيل المسمى كورونا و مع ذلك أجد
أن نظرتهم لكورونا هى نظرة تحدى لهذا الغريب كأنهم يقولوا له أنك لن تستطيع أن
تسلب منا حياتنا البسيطة رغم قسوتها فسنقف أمامك متمسكين بحقنا فى الحياة سنقف
أمامك بلا فيتامينات الأطباء و كمامات الحكومة سنقف أمامك و لا نملك إلا تلك
اللقيمات الصغيرة التى بالكاد تسد رمقنا و لعل الله يجعل بها بركة فى أجسادنا .
نعم . فهذا مثال رائع لمدى تمسك الإنسان بالحياة رغم المعاناة فما بالكم
إذا عاش فى رغد العيش كما يعيش بعض الناس فالشوارع تمتلىء بالناس من كل صنف و لون
كلٌ يمشى فى طريقه لا يلتفت لخوف من الموت فطالما الدم يجرى فى العروق و العرق
يسيل على جبينى رغم البرد فأنا بخير و هذا هو حالنا و هكذا سنبقى و هذا سر بقاء
هذا المصرى البسيط الذى يدهش علماء الاجتماع حول العالم .
كيف يعيش المصريون مع كورونا ؟
اعتاد الناس من قديم الزمان على عدم التصريح باسم المرض و ذلك لاعتقادهم
بأن هذا يدفع عنهم البلاء و العدوى و تشاؤما من الاسم و لكن جاء كورونا و معه
تغيرت مفاهيم الناس حول الوقوف أمام الوباء فهم يتحدثون عنه بلا خوف و يحكى بعضهم
لبعض قصص من أصيب منهم و تم له الشفاء و لكن لا يخلو الكلام عمن مات نتيجة الإصابة
به و هنا يسيطر الصمت على الألسنة فالخوف هنا موجود بين الناس و لكنه يرتبط بالموت
و ليس الإصابة بكورونا و تظل ابتسامة التفاؤل بالشفاء تعلووجوه الكثيرين هذه
الأيام رغم قساوتها و هذا إنما هو نتيجة تناقل القصص عن نسب الشفاء المرتفعة و هذا
ما تؤكده أرقام الجهات الحكومية أيضا .
و لا يختلف حال بيوتنا عن حال شوارعنا فالبيوت يملؤها التفاؤل بزوال كورونا
و تبعاته و لكن مع فرض حالة من الحرص الشديد عند التعامل و ازدياد الطلب على
الكلور و مواد التطهير و كذلك الاهتمام بتناول بعض الفيتامينات التى اعتاد الناس
على تناولها عند الاصابة بنزلات البرد مثل V c و بالطبع لا تنسى ربات البيوت تهوية البيت
يوميا فهل استطاع كورونا أن يجمع الشمل الذى فرقته الحياة بأعبائها أم أن التباعد الاجتماعى
و الدعوات إليه رغم ما يعانيه الإنسان من عدم القدرة على العيش وحيدا .
متى ننتصر على كورونا ؟
نستطيع أن نحقق النصر على كورونا و تبعاته بتمسكنا بحقنا فى الحياة و حق أولادنا بأن نكون معهم كما كان آباؤنا فليس الاستهانة بالوباء هو دليل على القوة و إنما العمل مع الحذر واجبنا اتجاه أنفسنا فكل واحد منا أصبح مسؤولا عن نفسه و عن أولاده و أسرته و عمن حوله فمتى تخرج من بيتك إلى عملك فكن أمينا على من حولك فلا تحكمنا تلك الأنا الكريهة التى تأتى عليك و على من حولك فالإنسان الواعي هو الرجل الحكيم و المرأة الذكية و الطفل الفطن ففى هذا الزمن لم يعد الأولاد والأطفال كما اعتدنا أن نطلق عليهم – دول عيال لسه صغيرين – فأطفال هذا الزمن هم أكثر وعيا و فطنة مما كنا و كان غيرنا ممن سبقونا و لذلك وجب عليهم الاشتراك فى تنبيه الوعى لدى أسرهم فلعل ألسنتهم الصغيرة تكون أكثر أثرا و فعالية من ألسنة الكبار .
هذاهو حال الشارع المصرى فى ظل كورونا يتشارك فيه الرجل و المرأة و الطفل فالكل يواجه و الجميع يضعون خطاهم فى الطريق متمسكين بأملهم فى مستقبل يكون لهم تعويضا عن آلام الماضى و الحاضر و دائما الأفواه تتحدث و الأيدى تشد بعضها رغم التباعد و الضحكات تعلو رغم الحزن و الناس فى عجب من أمرهم و سيظلون إلى أن يظلهم الصمت .
تعليقات
إرسال تعليق